الكتاب الأسود التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكتاب الأسود

قبل عام واحد.. لم يكن بُكائي بالشيءِ المعهود لعيناي ولنفسي، كنتُ أحياناً أشعر بالضيق وأتمنى أن يختفي بالبكاء، كنت أتمنى أن ترحَمني عينايَ بالبُكاء، لكنهما لا تبكيان!... لذلك أقف من قمة حزني وأتأمل وجهي الشاحبَ المُصفرّ في المرآة وأحاول أن أغير شكلي بأيّ مساحيق أو تسريحةِ شعرٍ غريبة، أردت ضمنياً أن أخبر نفسي الداخلية «من كانت تود البُكاء أنفاً اختفت.. لم تعد هُنا»، بعد محاولات عديدة للتفريغ عن نفسي بالبُكاء قررتُ أن أنسى الموضوع وأن أتجه لطريقٍ آخر لأفرّغَ عن نفسي وأُرفهَها.قررت أن أسلُكَ سبيلَ الكتابة، أصبحتُ أكتب وأكتب، رغم أني حزينةٌ ومغتاظة؛ لكن الكتابات حينها كانت كالضِماد، الكتابةٌ شيءٌ مذهل!، وطبيبٌ يُشهد لهُ بالمهارة!
لكني وللأسف لم أكتب إلا السيءَ الأسود المُحزن، عندما يُكدرني أمرٌ؛ فأنا أهرعُ للسجلاتِ وأكتب وأكتب، عندما أريدُ البُكاء؛ فأنا أكتب، عندما يخيبُ أملي وينكسرُ جناحي؛ فأنا أسرع للسجلات وأكتب، كانت الكتابة مثل الحضن بالنسبة لي، لا يُمكن مقارنة حُضنِ الكتاب بأيّ حضنٕ أخر، رائحةٌ الورق.. وصرير القلم.. وانسياب الحبر على الورق... لايوجد أيٌّ من هذه الصفاتِ في حُضنٍ غير حُضنِ الكُتب!عندما تمُرّ بي فترةٌ سوداء فإني أُنهي عشرَ صفحاتٍ من كتابي الأسود يومياً على الأقل، وعندما تنتهي وأستقبل الفترة السعيدة من حياتي.. فإني أنسى أنني كنتُ حزينةً قبل أيام!
ذات مرة كنتُ أرتبُ مكتبي وأصنف السجلات والكتبَ وباقي الحاجيات، وقعت عيني على دفتري الأسود «دفتر الذكريات»، أمسكت به وأنزويتُ في زاويةٍ في غرفتي وبدأت أتصفحهُ... وأقرأ وأقرأ... «كانت حقاً شيئًا مُحزن، لكنكِ الآن تخطيتي الأمر! إنظري إلى هذه المشكلة مثلاً هل ظننتي أنها ستنتهي بهذه البساطة؟...» وبدأتُ أحدثُ نفسي على هذا الغرار، كنت سعيدة لأني كتبت حزني لأخبر نفسي «لقد جعلكِ الله تتخطين هذا، أوسيُعجزه أمركِ الحاليّ؟»، لكنني لم أجد صفحة سعيدة..، كنتُ وبكل سذاجة أنسى أن أكتب لحظاتي الجميلة... لكنني لم أنساها، بينما لحظاتي الحزينة فإني أكتبها ومن ثم أنساها، حتى مقالاتي في هذه المدونة.. أنا أنساها، لأن غالبيتها أسودُ قاتم.. والسعيد منها أنا أتذكره.. أو على الأقل أتذكر موضوع التدوينة الرئيس، أنا أؤمن حقاً بأن النسيان هبةٌ من الله، وعندما وبالصدفة أتذكر موقفاً أو حادثاً كنت قد أَرّختُهُ في الكتاب الأسود فإنني أبتسم ولا أعلم لِمَ أفعل هذا.. لكنني بذلت قصار جهدي في أن لا أبكي حينها وها أنا بإبتسامتي أُحييّ فيّ قوتي.
٣:٤٢ م
٢٩ أبريل ٢٠١٧
- زوفتيل.

تعليقات