بداية المُنتهى التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٧

الكتاب الأسود

قبل عام واحد.. لم يكن بُكائي بالشيءِ المعهود لعيناي ولنفسي، كنتُ أحياناً أشعر بالضيق وأتمنى أن يختفي بالبكاء، كنت أتمنى أن ترحَمني عينايَ بالبُكاء، لكنهما لا تبكيان!... لذلك أقف من قمة حزني وأتأمل وجهي الشاحبَ المُصفرّ في المرآة وأحاول أن أغير شكلي بأيّ مساحيق أو تسريحةِ شعرٍ غريبة، أردت ضمنياً أن أخبر نفسي الداخلية «من كانت تود البُكاء أنفاً اختفت.. لم تعد هُنا»، بعد محاولات عديدة للتفريغ عن نفسي بالبُكاء قررتُ أن أنسى الموضوع وأن أتجه لطريقٍ آخر لأفرّغَ عن نفسي وأُرفهَها.قررت أن أسلُكَ سبيلَ الكتابة، أصبحتُ أكتب وأكتب، رغم أني حزينةٌ ومغتاظة؛ لكن الكتابات حينها كانت كالضِماد، الكتابةٌ شيءٌ مذهل!، وطبيبٌ يُشهد لهُ بالمهارة! لكني وللأسف لم أكتب إلا السيءَ الأسود المُحزن، عندما يُكدرني أمرٌ؛ فأنا أهرعُ للسجلاتِ وأكتب وأكتب، عندما أريدُ البُكاء؛ فأنا أكتب، عندما يخيبُ أملي وينكسرُ جناحي؛ فأنا أسرع للسجلات وأكتب، كانت الكتابة مثل الحضن بالنسبة لي، لا يُمكن مقارنة حُضنِ الكتاب بأيّ حضنٕ أخر، رائحةٌ الورق.. وصرير القلم.. وانسياب الحبر على الورق... لايوجد أيٌّ من هذه الصفاتِ في حُضنٍ غير حُ

مائدة عشاء..

في الشهر الماضي مررت بضغوطٍ نفسيةٍ قوية.. كانت حالتي متدهورةً جداً، ساءت أخلاقي وزادت حدةُ مزاجي، وانعزلتُ عن الحياةِ بقوة.. كانت فترة سيئةً بحق رغم بعض اللطافة التي أحاطت بها. في يوم من الفترة السيئة وعندما ناداني أبي لتناول العشاء مع الجميع.. كان شعوراً مربكاً! مرة فترةٌ طويلة وأنا أتجاهل نداء أبي وأتهرب من جميع أجتماعاتِ الأسرة.. أهبط في منتصف الليل أتناول ما تبقى من العشاء الذي احتفظت به أمي لي وأعدو مسرعةً عائدةً لحجرتي.. لموطني.. لوكري.. لجنتي!، أردت أن أتوقف عن إيذاء نفسي وإقلاق أبي فهممت بالنزول وودعت حجرتي بقبلاتٍ حارّة وحرصتُ على إغلاقها جيداً حتى لا يدخلَها هواءٌ باردٌ؛ فتبرُد، قطعتُ نصفَ السلالم ثم توقفت.. واعتلاني الخوفُ والرهبة! شعرت بأنني أُساق للمشنقة وليس لمائدةِ عشاء! بعدها بدأت عيناي بالإرتجاف .. عُدت راكضةً لحُجرتي واستقبلتني بالأحضان وبكيتُ طويلاً، بلا سبب..، بعد أن أتعبني البكاء استلقيت على ظهري في منتصف الحجرة، كنت أتأمل السقف بكل تجرد.. وأبي مازال يناديني "هَلُمي إلى العشاء!". - ٥:٠٠ م - زوفتيل.

تفجّر المواهب..!

أبي قال لي بعد أن أخبرته بموضوع قصيدتي الأخيرة..: أغلب الأشخاص تمر عليهم فترة كتابة الشعر وفترة تفجر موهبة مثل هذه الموهبة لديكِ، وكأنما كانت هذه منحة الله لهم، والأكثرية لا يستغلونها لذلك تذهب أدراج الرياح، وغالباً ما تسمعين «قد كتبت قصيدة من زمان أيام....»، نفس الشيء ينطبق على الرسم وكتابة النصوص وأغلبية المواهب، كل شيء بالممارسة ينجح. لديّ صديق نصف متحدث باللغة اليابانية، أتعاهده بالسلام لسابق علاقتنا، أخبرني مرة بعد أن امتدحت نبرة صوته وسلاسة الحروف على لسانه وشيدت بتغيره الإيجابيّ قال لي: «السر التدريب! دائما ما أقول التدريب هو السر المفضوح، لكن لا أحد يستمر وينبهرون بنتائج الآخرين فحسب»، لا يسمح لك أن تنبهر بنتائج الآخرين وأنت لم تجتهد مثلهم، لا يجب عليك أن تحسدهم وأنت لم تمرض لأجل موهبتك، لن يأتيك نتاج حصاد ما لم تزرع على طبقٍ من ذهب. ومناهل المواهب منهلان: السمع والبصر، لنأخذ القصائد كمثال.. سماع القصائد يمكنك من كتابة القصائد، قراءة القصائد تمكنك من كتابة القصائد.. وكأنما هو شرط ونتاج شرط، لذلك يجب أن يركز الإنسان على مواهبه وإكتشافها ومن ثم تربيتها وعدم إهمالها. - زوفتيل.

نصفُ عبوةِ تونة

لم يكن الأمر هينًا بالنسبة لي كما تظن، كان عسيرًا كأخر ليلة لجنين في بطن أمه.. عسيرًا عليّ كأم وجنين..، لا أنا جنين استمريت في ركل بطن أمي غارقةً في الدفء ولذائذ الطعام، ولا أنا أمٌ أنهت الأمر وأخرجت فلذة كبدها وقطعةً من لحمها، ولا أنا أبقيته وتحملت، كنت في شدة الحيرة والضياع، كأن الله يختبرني على صبرني، على الرغم أني واجهت اختبارات صبرٍ عديدة من الله .. إلا أنني لا أظن بأنني أستفيد من كل اختبار، عندما يجيءُ الاختبار الجديد يخيل لي بأني صبيٌ لم يتكلم بعد، وضاع في مدينة ليس مدينته ويجب عليه قول شيء للشرطي حتى يبحث عن أمه، تصوّر بأني لهذه الدرجة من الحيرة والضياع!، لذلك لا تستغرب مني تغيير طلبي في المقهى ثلاث مرات.. رغم أنك تقول "إنها مجرد قهوة"، إلا أن تلك القهوة كانت بمثابة اختبار، لباس الجامعة.. اختبار، تسريحة شعري اختبار، صبري في محاضرة الاقتصاد.. أيضًا اختبار، طاعتي لأمي وحبي لأبي اختبار، يا عزيزي حتى حبي لك اختبار أيضًا!. أنا لا يمكنني أن أرى الحياة ببساطة مثلك، وصل بي الأمر لأن أبكي عندما تدهس قطة كنت أطعمها يوميًا نصف عبوة تونة والباقي أُخبئه لليوم التالي لأعطيه لها،

مثالية مخيفة

أتعجب من الذي يعيش بمثالية عالية، هل يكرهون أنفسهم لهذه الدرجة؟، ما المريح في أن تغدو كاملاً؟ ما المريح والممتع في أن لا تُخطئ، في أن تخشى نظرة الناس لك حال الخطأ، تخشى أن تقع، تخشى أن يتمزّق ثوبك، تخشى كثيراً.. أنت محاط بالخوف والخشية، هذا مخيف وليس مريح وممتعًا البته، الإنسان أخطأ.. والأنبياء ..صفوة الخلق وقعوا في الخطأ، فما الذي رفعك فوق الأنبياء؟. الحياة دروسها عبارةٌ عن أخطاء الإنسان، والواجب المنزلي عبارة عن عدم تكرار الخطأ، وكلما حضرتَ دروساً أكثر؛ كلما كنت ذا حكمة وعقلٍ راجح، لذلك لا تكن مثالياً لا شيء مثير في أن تكون حياتك محسوبةً بالسنتمتر، وأن تخاف الخطأ وتغلو في الأحسان، الحياةٌ وسط، لا إفراطٌ ولا تفريط، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (خير الأمور أوسطها) أفلا تتفكر في ماهيةِ الوسط؟.. أنا أخبرك بهذا لأن ما تفعلهُ مرهق ويحجب عنك البصيرة ولا تستطيع به أن تتمتع بمعرض الحياة المليء باللوحات الفاتنة والإبداعية، يمنعك من الضحك والسمر واللهو ويمنعك من حضور الدروس لذلك ربما تحصل على حرمانٍ من لذةِ الحياة.. لأنك لن تكون إنسان.. وإنما آلة، والآلة لا تأخذ دروساً في مدرسة الحياة. ٧:٤٧