بداية المُنتهى التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠٢٢

متلازمة النهايات السعيدة

عند قراءة رواية أو عند سماع قصة حب تراثية، أو حتى عند مشاهدة فلم أو مسلسل (إسلامي وفق الضوابط الشرعية طبعاً)، ألا تلاحظون شيئاً مشتركاً في أغلبها؟ من خلال مشاهداتي وقراءتي وجلوسي الطويل لسماع قصص الأكبر سناً منذ طفولتي، حتى عُرف عني حبي للقصص، فكلما بدأ أحد الكبار بسرد قصة (أياً كانت) تناديني أمي: "لبنى تعالي اسمعي القصة!" وتؤكد للراوي بصوتٍ منخفض "لبنى تحب القصص".. ربما لهذا أنا أحكي القصص؟ لأذيقكم المتعة التي تلذذت بها؟ على كلٍ.. عندما نكتب قصة فإننا غالباً نتبع منهجاً معيناً لتسلسل الأحداث، وقد يختلف من قصة لأخرى، لكن على الأغلب تبدأ كل القصص بوتيرةٍ شبه هادئة وتعريفية للمكان والزمان والشخصيات، ثم تتسارع الأحداث وتكثر المشكلات يميناً وشمالاً وهذا ما نسميه بالعقدة، ثم بوتيرةٍ أبطأ وأحياناً أغبأ.. تفك العقدة، ثم في النهاية تختم القصة بسعادة. توجد نهايات حزينة لكن في الغالب تكون سعيدة لأن ولهذه المرة فقط (الجمهور عايز كده)، وأستطيع تبرير ذلك اقتباساً من نصٍ قرأته: "في الحياة الواقعية ما يكفي من النهايات الصعبة وغير المحببة وغير المتوقعة، لذا على الأقل.. في عالم

ضباب العمر

يقول عبدالرحمن منيف: ‏ ”کنا نهرول نحو الأيام الآتية، كنا نريدها أن تسرع! أن تنطوي! إذ كان هدفنا أن نكبر بسرعة، أما الآن؛ نريد أن نهدئ السرعة أن نتأمل.. أن نقارن.. لكن الأيام لا تترك لنا مجالاً، وهكذا يسيطر علينا الشعور بالأسى والشجن“ ثم يختتم حديثه بسؤال ذو شجون.. سؤال عزيز على الأدب والفلسفة أن تجيبه: ”كنا نركض من أجل ماذا؟ والآن.. نحاول أن نبطئ من أجل ماذا أيضاً؟“ عندما مرّ بي هذا النص القصير لمنيف، شعرت بأنه يحدثني أنا بشكل خاص، ثم بعد أيام من التأمل.. ربما منيف يحدث العالم من خلال نفسه عبر هذا الوصف، فكلنا -إبتداءً منه وانتهاءً بأطفال اليوم- نركض نحو الغد، بحماسٍ غير مبرر، وبتفاؤلٍ غير واضح الوجهة! لماذا مثلاً لم نخف أن نكبر عندما كنا صغاراً؟ لماذا كنا جميعاً نتفق بأننا نريد أن "نغدوا كباراً"؟ "كبار" ماذا كانت تعني هذه الكلمة لنا؟ الاحترام؟ الحرية؟ المحبة؟ الحلويات؟ ما الذي كان يجذبنا بالضبط لنتفق كلنا على اختلاف بيئاتنا وتراكيب شخصياتنا بأن .. نتمنى أن نكبر؟ أفكر بعمري الآن.. أنا في العشرين من عمري.. ورغم أن سنّي زاخر بالتجارب.. وممتع.. ومتخبط حدّ الانشغال عن ح

سخي الروح

وكان دائماً يأخذ الحياة على محمل الجد والكبد الشديد، ولا يرى إلا أصعب الطرق وأطولها، ولا يتأفف ولا يشتكي من ذلك، لأنه كان يعلم في قرارة نفسه أن لا شيء ألذ من بلوغ الغاية بعد أن أخذ ذلك السعي شيئاً ثميناً منه، كان يؤمن إيماناً شديداً بالأخذ والعطاء. وكان يحب الصحراء؛ كأن يرى أهله في التراب المتراكم على مد البصر، يمضي الليالي في الفيافي مستأنساً بأمواج الرمال هادئةً نفسه بينها، مرتقباً أيام الإجازات -طويلها وقصيرها- ليهرب بأخف ما يمكن من صخب المدينة إليها. بعد أن أوسع الله له في رزقه وأكرمه بوفرة المال والبنين؛ ضرب الأرض في أحب بقعة لنفسه في تلك الصحاري واسماها "فضاي"؛ فقد كان يراها عالماً لوحدها، كأنما كان باب "فضاه" باباً لعالمٍ موازي؛ فمذ أن تلوح جدران "فضاه" تنفرج أساريره وتختفي نصف تجاعيده ويعود أبيض شعره أسوداً، ويبسم دونما حاجة، ويقفز دونما أن تثقل عظامه وأمراضه من حركته؛ كأن روحه التي تقفز من خفته. وكان كريماً، فيعطي ضعف ما يأخذ، وقد يفوته كل شيء لأن نفسه استحت من أن تمد يدها تسأل عن حقها. لذا عندما بلغ السبعين بهذه الروح الكريمة وسقط على فراش المرض