هَجر التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هَجر

كنت دومًا أُعطي الفرص، أمنحها بلا توقف، أنا أتغاضى كثيرًا.. أخطأت في حقي اليوم؟ سأنسى ..، أخطأت غداً؟ .. سيمر اليوم وسأنسى، لا زال في قلبي ولن أنسى حرفيًا لكنني لن أذكر خطأك وأحاسبَك عليه، على كلٍ هناك مقدارٌ من الغفران لكلِ شخصٍ موازي لمقداره في قلبي ..، هذه فلسفة الغُفران الخاصة بي.
لكن بعد مدةٍ أردت أن أدرس المجتمع، أن أتعرف على كلِ أصنافهِ وأنواعه وعقلياته، من الرُقي إلى الضحالة، لذلك أرغمتُ نفسي على أن أمنح فرصًا أكثر مما كنت أفعل، لكن لأشخاص لا أعرفهم وربما لا أتقبلهم.. وفي أحيان أكون أكرههم .. فقط لدراسة، دراسة تُعينُني .. نوعًا ما،.. لأساعد في شفاء ندب غائر في قلبي.. ندبٌ أصابني به هذا المجتمع الكبير، لذلك أدرسه وأدرس أصنافه؛ لأتمكن من التعايشِ معهم أطول مدةٍ ممكنةٍ بلا ندوب.
عندما خالطت أصناف المجتمع وأنواعه.. أكتشفت أن الغالبية يفكرون بنفس العقلية.. أو على الأقل يوافقون بعضهم في بعض الأفكار الرئيسة (يحسدون المشاهير والأغنياء - جميعهم تعرضوا للخيانة - كلهم حزينون وبائسون - وجميعهم يحب الحياة فجأة! ويكره الحياة مراتٍ عدة! .....) كانت هناك أفكار كثيرة يتفق فيها الجميع.. وكان هذا مملاً.. مملاً جداً، أن يكون الجميع يمتلك الفكرة ذاتها ومقتنع بأنه يجب أن يمتلك ذات الشعور الذي يتظاهر الجميع بامتلاكه،... كرهت الاستنساخ الذي يفخر به الجميع، يفخرون بالوحدة، يفخرون بتعرضهم للغدر، فخورين أشد الفخر بأنهم يمضون سائر أيامهم بين جدران غرفهم الأربع كارهين الخروج منها.. منطوين على أنفسهم أشد الإنطواء..
ربما تظن أنني أنفي وجود الأشخاص الإنطوائيين، غير صحيح، أنا أحترمهم جداً.. ومقتنعة تماماً أنهم ليسوا إنطوائيين كحكمٍ على حياتهم كلها، أؤمن بأن الإنطواء فترة زمنية على الشخص.. ربما تطول وربما تقصر، لكنني لم أرى شخصاً يفخر بإنطوائيته من قبل.. أعني في غمرات أنفس الإنطوائي.. يود حقاً أن يكون لديه الكثير من الصحبة والكثير من المواعيد والحفلات، لا تظن أبداً أنه سعيد بالبقاء في غرفته والانحناء على هاتفه أو كمبيوتره المحمول يتصفح المواقع ويتابع أخر المستجدات.. إنه يحاول أن يكون إجتماعياً بقدر ما يستطيع.. يحاول كثيراً!.. لذا لا تهجره، لا تتوقف عن الاتصال بصديقك وإن بلغ ما بلغ من الإنطوائية، هو في حقيقة الأمر.. رائعٌ جداً، يمتلك شخصية قوية.. قويةً جداً! وإلا لما كان يسعى سعياً حثيثاً نحو باب غرفته.. وفي لحظة تاريخية عظيمة تسجل في سيرته الذاتية باللون الذهبي.. يخرج من إنطوائيته ليكون نجماً رائعاً، شخصاً مذهلاً في غاية التميز والإبداع!
لذلك يا عزيزي أهجر الأفكار التي يملكها الجميع، لا تكن نسخة، لا تستعر مشاعرك ولا تستعر أفكار ولا قناعاتك، كن منفرداً! وإن نعتك البعض بالغرابة، وإن قالوا عنك بأنك مختلف.. هنيئًا لاختلافك يا عزيزي، ومرحباً بك في عالم المختلفين المتميزين!
-زوفتيل 9:39م.

تعليقات