السؤال الأخير التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السؤال الأخير

ثم ماذا؟ ثم إن هذه السماء يوماً ستطوى، سيحين أجل النبات والشجر، ستموت الحيوانات، سيختنق النبع بالتربة، ستشرق الشمس من عكس مشرقها، ستقف الجثث، ستساوى الجبال بالأرض، ستختفي كل معالم هذا الكرة الصغيرة، بل الكون بأسره.. ستختفي ملامحه!، إنها الساعة! قد قامت القيامة، لا تقبل توبة ولا تنفع يومئذ ملامة، إنها النهاية الحتمية لهذا الكون الشاسع، سيجف البحر الأحمر وتتصدع أراضي المحيط الهندي، ستموت النباتات، سيختفي الثقب الأسود ودرب التبانة وبقية المجرات، سينتهي هذا العالم الرحب الكئيب، المليء بالسواد والعتمة، مليء بالفساد والإحتيال، مليء بالحب والزهاء، مليء بالكثير من السلام والمودة، مهما كان ما يملئ العالم، مهما كنا بشراً أم حيوانات أم كائناتٍ فضائية، هذا العالم سينجلي، سيذوب القطب الجنوبي والشمالي… سيذوبان ولم يتخيل أحد أن أشد المناطق برودة ستذوب!، إنها القيامة!، ستطوى صحائفك، سينتهي كل شيء، لا يمكنك طلب المغفرة والرضوان، إنها النهاية، وأمامك فحسب طريقان، ستهلك حتماً، سينفخ إسرافيل بالصور لتموت.. ثم ينفخ ثانية فتعود للحياة، ثم يبدأ مشوار الحساب الأعظم! سيسألك الله عن كل ثانية أمضيتها في هذه الحياة، أحببت أختك لكنك لم تخبرها، قتلت قطة في الشارع لتظهر قوتك أمام رفاقك، بكيت من أجل مرض صديقك.. وتعاهدت زيارة المشفى.. ولم تسطع الممرضة منعك من زيارته.. لازلت تزوره حتى في ثلاجة الموتى.. لحقت به حتى المقابر، أخبرت والدك صباحاً بأنك تحب فطائر الفول السوداني.. لأن والدك أخطأ ونسي ما تحب.. لأن والدك مصاب بالزهايمر.. لم تكن تود إظهار عجزه.. وتناولتها بسعادة أمامه وعانيت من حساسية الفول السوداني لأيام، ساعدت فقيراً يحمل ابنته الرضيعة.. ناولته حليب إبنتك.. مع أن الصيدلية بالفعل كانت تبعد ميلاً عن مكانك، أهديت أمك ورداً بدون مناسبة، أخبرت أخاك ليلاً «أنا أحبك»، كسرت دراجة ابن الجيران.. لأنك لم تحصل على واحدة مثله، بعد إجتماع الأباء أخبرت والدك بأنك تكرهه لأن وجهه ليس جميلاً.. لأن أباء أصدقائك كانوا وسيمين، بالرغم من أن ألاف الفتية لم يأت أباؤهم بالأصل، احتضنت جدتك طويلاً، أخبرت عمك ذات يومٍ بأن عمك الأخر قد شتمه سراً.. تسببت بمشاكل عظيمة.. فقط لأنك تكره عمك الأخير، عندما مات زوج خالتك بقيت مع خالتك طوال الليل كنت تحدق فيها ولم تَكُ تبكي عندما هممت بالإنصراف أمسكت بك وبكت.. أمضيت بعدها شهراً في منزل خالتك لا تُغادره، دخلت في عراك مع زملائك لأنهم شتموا صديقك المقرّب.. خسرت العراك لكنك فزت بقلب صديقك وإعجاب زملائك، أنت فعلت الكثير من الأعمال، أتمنى أن تكون فخوراً بما فعلت، لأنك وحتى وإن لم تفخر.. ستقف وسيسألك الله «لمَ فعلت هذا يا عبدي؟»، فأعد جواباً لهذا السؤال.


١٢:٥٢م
١٣مايو ٢٠١٧١٧
شعبان ١٤٣٨
- زوفتيل

تعليقات

  1. اتقنت وصف الاهوال واعمال الانسان في الدنيا بطريقة مؤثرة وحبكة ابداعية مقال رائع بمعنى الكلمة 🌹

    ردحذف

إرسال تعليق