رجلٌ بسيط هو أنت.. كأيّ بشري على وجه البسيطة، تعتريك الخشية دائماً، أنت خائفٌ على الدوام، تخاف أن لا تتحقق أمنياتك، أن ترسب في دراستك، وتخشى لو أن خططك فشلت، وترهبك فكرة الموت!، ولا أحد لتتكئ عليه.. ضائع!، لكنك تنكر ذلك، فتضحك ولا تبالي، وتعبث هناك وهناك، تحرصُ أشدَّ الحرص بأن تبقى متماسكاً وبألا تتعثر.. فتُهدم، تظهر السكينة والوقار، تظهر القوة والاستقرار، أنت راسخٌ ولا يمكن لأيّ شيءٍ أن يهزَّ هذا الجبل!،... ولكن كل قواعدكَ وصوركَ التي وضعتها آنفاً.. لا تنطبق على ذلك المقام! لا تسطع أن تنفذها عند ذلك اللقاء!، إنك تضع جميع الأثقال والمظاهر.. تضع كل شيءٍ جانباً وتقف مجردًا.. مليئًا بالرهبةِ والوَجل، مليئًا بالمُهجةِ والحياة، مليئًا بالاطمئنان والأمان،.. تقف في محرابك، وتخضع، وتستلم وتدنو من الله، وتركع، فتدنو من الله، ثم تسجد فتكون أقرب القريبين من الله!، فتبوح له بمسائلك، وحاجاتك، وتخبر الله عن مرض أبيك، وتخبره بأنك تحتاج مالاً، وتخبره بأن قلبك يؤلمك، وبأنك تود أن تفعل كذا وكذا، وتبدأ بسرد قائمة أمنياتك.. التي لم تعد أمنيات بعد أن أخبرت الله بها، صارت وقائع و وقعت، لا أمنيات عند الله!، تؤمن بذلك أشد الإيمان، لذلك فأنت عندما تقول «يا الله!..» تعلم بأن الله الذي دعوت باسمه لن يُخيبك!، ولن يتجاهل نداءك!، سيسمعه بكل حب.. فهو إلهك الوحيد، وأنت عبده الذي خَلَق، من خلقك لن يتجاهل مسائلك ويتبرَّم عن قضاءِ حوائجك.أخبرك بهذه النصائح.. باللغة التي خلقها الله، وأكتب لك هذا المقال باليد التي صنعها الله، وتقرأ لي يا عبد الله.. بالعين التي أحياها الله، من أعطاك كل هذه النعم والفضائل.. لن يبخل عليك بواحدة فوقهن، وفوق ذلك هو «الكريم» فلا بخلَ في قاموس الدعاء!.. لا يأس ولا خجل ولا خيبات.. ولا أيٍّ من ذلك، تأتي لله بحملٍ ثقيل.. بأوزارٍ عِظام.. وتدعوه دعاء المستغيث برحمته «يا رحيم!» و والله لن يتركك الرحيمُ أبدا!تصلي ركعات ثم تولي مدبراً، تترك خلفك كل حاجاتك.. ضامناً بإذن الله أنها تحققت من لحظة طلبها، تاركاً خلفك محرابك الذي شهد ضعفك ودعاءك وتضرعك، تاركاً كل خضوعك وإذعانك لذاك المحراب لمناجاة ربك، حاملاً معك شدتك وتوكلك وعزمك وصبرك.. وتمضي خارجاً من مسجدك وفي قلبك ألف حب.. وألف خشية.. وألف رجاء، إنه الإيمان بالله، شدة اليقين، يجمع كل المتناقضات في قلبٍ واحد!فلو تُراكَ سألت وظيفة من مديرٍ وقد أخبرك بضمانها لك.. ألا تقلق؟.. بلى والله تقلق! وتسعى، وتعرِّج على ذاك المدير بين الفينة والأخرى، لكنك وعلى النقيض من ذلك عندما تسأل الله -وأستحي أن أقارن هذا بذاك ولكن لتقريب الصورة- توقن تماماً أن الله لن ينسى دعوتك وحاجتك، لن ينسى حجم الإيمان في قلبك، لن ينسى حرارة دمعك على خدك، الله أجلُّ من أن يَنسى!، نلحُّ على الله بالدعاء ليس لأن الله نسينا ونسيَ حوائجنا.. بل لأن الله يود أن يسمع أصواتنا، يود أن نستمر بالطلب والدعاء، أن نستمر بالاعتماد على الله واللجوء إليه، أن نستمر بالبكاء والتضرع بين يديه، أن نخبره «يا الله!!..» روي في الحديث القدسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد يدعو الله وهو يحبه فيقول الله عز وجل : يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وأخِّرها فإني أحب أن اسمع صوته، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه فيقول الله عز وجل: يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وعجلها فإني أكره أن اسمع صوته "... وهذا حديثٌ ضعيف لا يُحتج به.. ولكننا نستأنس به.في غمرات دعاءك وفي طيات صلاتك وبين ركعاتك، تتسلل دموع من عينيك.. لترسم خطاً على وجهك، فتنال الدموع من عينيك، ويعجز لسانك عن قول حوائجك.. تعجز أن تردد «آمين»، تقف عاجزاً.. وتبكي، تبكي فحسب.. تستمر دموعك بالانسياب، تمسحها مرةً ومرةً بل عشراتِ المرات.. ثم تتركها بعد ذلك لتبحر في وجهك، كم أحب الدموع أمام الله، ما أجمل البكاء هنا، فوق سجادة وبين رحمات الله، تشهق بين الفينة والأخرى، وتفقد القدرة على الرؤية من تراكم الدموع في عينيك، تحررها من سجن جفونك فتهبط بخشية الله على وجهك المحمرّ، أنت تبكي هنا، ويدبر الله أمورك هناك، أنت تخضع هنا وتدعو، وغيرك في ظلمات وظلمات، أنت تؤمن بالإجابة هنا، وغيرك «فلم يستجب لي»، أنت في نعمة فوق النعم، أنت في نعيم الدعاء.
١٢:٠٦ ص
٣٠/٣١ مايو ٢٠١٧
زوفتيل
رجلٌ بسيط هو أنت.. كأيّ بشري على وجه البسيطة، تعتريك الخشية دائماً، أنت خائفٌ على الدوام، تخاف أن لا تتحقق أمنياتك، أن ترسب في دراستك، وتخشى لو أن خططك فشلت، وترهبك فكرة الموت!، ولا أحد لتتكئ عليه.. ضائع!، لكنك تنكر ذلك، فتضحك ولا تبالي، وتعبث هناك وهناك، تحرصُ أشدَّ الحرص بأن تبقى متماسكاً وبألا تتعثر.. فتُهدم، تظهر السكينة والوقار، تظهر القوة والاستقرار، أنت راسخٌ ولا يمكن لأيّ شيءٍ أن يهزَّ هذا الجبل!،... ولكن كل قواعدكَ وصوركَ التي وضعتها آنفاً.. لا تنطبق على ذلك المقام! لا تسطع أن تنفذها عند ذلك اللقاء!، إنك تضع جميع الأثقال والمظاهر.. تضع كل شيءٍ جانباً وتقف مجردًا.. مليئًا بالرهبةِ والوَجل، مليئًا بالمُهجةِ والحياة، مليئًا بالاطمئنان والأمان،.. تقف في محرابك، وتخضع، وتستلم وتدنو من الله، وتركع، فتدنو من الله، ثم تسجد فتكون أقرب القريبين من الله!، فتبوح له بمسائلك، وحاجاتك، وتخبر الله عن مرض أبيك، وتخبره بأنك تحتاج مالاً، وتخبره بأن قلبك يؤلمك، وبأنك تود أن تفعل كذا وكذا، وتبدأ بسرد قائمة أمنياتك.. التي لم تعد أمنيات بعد أن أخبرت الله بها، صارت وقائع و وقعت، لا أمنيات عند الله!، تؤمن بذلك أشد الإيمان، لذلك فأنت عندما تقول «يا الله!..» تعلم بأن الله الذي دعوت باسمه لن يُخيبك!، ولن يتجاهل نداءك!، سيسمعه بكل حب.. فهو إلهك الوحيد، وأنت عبده الذي خَلَق، من خلقك لن يتجاهل مسائلك ويتبرَّم عن قضاءِ حوائجك.أخبرك بهذه النصائح.. باللغة التي خلقها الله، وأكتب لك هذا المقال باليد التي صنعها الله، وتقرأ لي يا عبد الله.. بالعين التي أحياها الله، من أعطاك كل هذه النعم والفضائل.. لن يبخل عليك بواحدة فوقهن، وفوق ذلك هو «الكريم» فلا بخلَ في قاموس الدعاء!.. لا يأس ولا خجل ولا خيبات.. ولا أيٍّ من ذلك، تأتي لله بحملٍ ثقيل.. بأوزارٍ عِظام.. وتدعوه دعاء المستغيث برحمته «يا رحيم!» و والله لن يتركك الرحيمُ أبدا!تصلي ركعات ثم تولي مدبراً، تترك خلفك كل حاجاتك.. ضامناً بإذن الله أنها تحققت من لحظة طلبها، تاركاً خلفك محرابك الذي شهد ضعفك ودعاءك وتضرعك، تاركاً كل خضوعك وإذعانك لذاك المحراب لمناجاة ربك، حاملاً معك شدتك وتوكلك وعزمك وصبرك.. وتمضي خارجاً من مسجدك وفي قلبك ألف حب.. وألف خشية.. وألف رجاء، إنه الإيمان بالله، شدة اليقين، يجمع كل المتناقضات في قلبٍ واحد!فلو تُراكَ سألت وظيفة من مديرٍ وقد أخبرك بضمانها لك.. ألا تقلق؟.. بلى والله تقلق! وتسعى، وتعرِّج على ذاك المدير بين الفينة والأخرى، لكنك وعلى النقيض من ذلك عندما تسأل الله -وأستحي أن أقارن هذا بذاك ولكن لتقريب الصورة- توقن تماماً أن الله لن ينسى دعوتك وحاجتك، لن ينسى حجم الإيمان في قلبك، لن ينسى حرارة دمعك على خدك، الله أجلُّ من أن يَنسى!، نلحُّ على الله بالدعاء ليس لأن الله نسينا ونسيَ حوائجنا.. بل لأن الله يود أن يسمع أصواتنا، يود أن نستمر بالطلب والدعاء، أن نستمر بالاعتماد على الله واللجوء إليه، أن نستمر بالبكاء والتضرع بين يديه، أن نخبره «يا الله!!..» روي في الحديث القدسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد يدعو الله وهو يحبه فيقول الله عز وجل : يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وأخِّرها فإني أحب أن اسمع صوته، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه فيقول الله عز وجل: يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وعجلها فإني أكره أن اسمع صوته "... وهذا حديثٌ ضعيف لا يُحتج به.. ولكننا نستأنس به.في غمرات دعاءك وفي طيات صلاتك وبين ركعاتك، تتسلل دموع من عينيك.. لترسم خطاً على وجهك، فتنال الدموع من عينيك، ويعجز لسانك عن قول حوائجك.. تعجز أن تردد «آمين»، تقف عاجزاً.. وتبكي، تبكي فحسب.. تستمر دموعك بالانسياب، تمسحها مرةً ومرةً بل عشراتِ المرات.. ثم تتركها بعد ذلك لتبحر في وجهك، كم أحب الدموع أمام الله، ما أجمل البكاء هنا، فوق سجادة وبين رحمات الله، تشهق بين الفينة والأخرى، وتفقد القدرة على الرؤية من تراكم الدموع في عينيك، تحررها من سجن جفونك فتهبط بخشية الله على وجهك المحمرّ، أنت تبكي هنا، ويدبر الله أمورك هناك، أنت تخضع هنا وتدعو، وغيرك في ظلمات وظلمات، أنت تؤمن بالإجابة هنا، وغيرك «فلم يستجب لي»، أنت في نعمة فوق النعم، أنت في نعيم الدعاء.
١٢:٠٦ ص
٣٠/٣١ مايو ٢٠١٧
زوفتيل
ما أجمل الخلوة مع الله سبحانه في علاه
ردحذفوالأرض فراش والسماء لحاف
والرفيق دعاء
والأنيس يقين الإجابة..