قطعة ضوء التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قطعة ضوء


لطالما أرهقت نفسي بالمسير للبحث عن الهدف الأمثل، لعيش الحياة على وجهها الصحيح، لكن.. وبعد هذه السنين لا يمكن لأي شيء في هذه الحياة أن يسعدني، أن يرسم البسمة على وجهي، هذا العالم موحش! الجميع هنا وكأنهم قتلة وسفاحين، الجميع غاضب وساخط، ولا يعجبهم أن تكون جيداً ومميزاً.. وسعيداً، لا يشعرني هذا بالأمان إطلاقاً، أردت أن أعيش بطريقتي التي أحب، لذلك صنعت عالماً خاصاً بي! صنعت كوكبي وفضائي..مجرتي وأقماري!
أنا هنا، جالسة أم واقفة.. مغمضة العينين.. حقاً لا أعرف إن كنت مغمضة عينيّ أم لا؛ فالظلام حالكٌ هنا، هذا عالمي الذي صنعته، عالمي أنا وأنا هنا، لا أحد سواي،... ياللراحة.
بينما أقضي وقتي في التأمل.. سمعت جلبة من حولي.. حاولت أن أكتشف مصدر الصوت.. لكن لم أستطع، بقيت جالسة في مكاني إذ ببعض الضياء.. ضياء؟ في عالمي؟ من أذن له! تسللت قطع النور حتى أحاطت بي، نظرت لها بوجل.. لم أعتد النور!، قطعة خلف قطعة، تتوالى القطع بالقدوم.. وتنتشر أسلاك الضوء من حولي، إن المكان مشعٌ جداً الآن! وكأنني على سطح الشمس!، اوه أستطيع رؤية يدي! بالكاد كنت أرى شيئًا سابقاً!، خرجت من بين القطع قطعة صغيرة وقالت: «لا تخافي»..!!! أخاف؟.. «لـ.. لست خائـ..» أمسكت بيدي، ونظرت لعينيّ «إن أنا إلا رسول كريم!» ماذا؟ رسولٌ ممن؟!، جذبت يدي وأخذت تركض.. وتركض.. ولا أعلم ما الوجهة!.. إنها.. أخذتني لحيث الضياء! أتت بي لتحت الشمس ومع الأحياء! أغمضت عينيّ .. أشعر بالخزي.. لا يمكنني فتحهما، كيف أنظر لأعين هؤلاء البشر؟، توقفت قطعة الضوء وقالت لي بحزم «افتحي عينيك!، لا يمكن أن يبحث عنك الضوء! اسعي أنت للبحث عنه، لن ينقذك بعد الله سواكِ!».. وابتسمت... ثم تلاشت في الفضاء.. مهلاً! أنا لا أعرف شيئًا هنا!، المكان هادئ ومريح.. لم أرتعب كثيراً من ترك قطعة الضوء لي وحيدة، أطلقت العنان لقدميّ.. ورحتُ أسير وأسير.. رأيت أشياءً عدّة.. ألواناً مختلفة.. وجوهاً وثياباً وابتساماتٍ متنوعة، عندما حلّ المساء رأتني عجوزٌ وحالي يشكو الهزال.. دعتني لشرب الشاي وتناول العشاء، عدت لمنزلي، قررت أن أعود للجامعة وأن أنتظم فيها، حاولت جاهدة أن أنشئ علاقات مع الكثير من الأشخاص.. ونجحت في ذلك، بعد تخرجي بسنة تزوجت، أنجبت طفلاً، أحببت زوجي وابني كثيراً، كان كل شيءٍ مثالياً، خرجت ذات مساء لأبتاع حاجياتٍ من السوق.. وقفت عند نهر في الطريق وجلست بجواره.. وفكرت حينها «لو كنت بقيت طوال حياتي في عالمي المظلم.. لو لم تنقذني قطعة الضوء.. ماذا كان ليحدث؟».
*ملاحظة: جميعنا لدينا قطعٌ من الضوء من حولنا، يجب ألا نيأس وننطوي على أنفسنا لمجرد موقف أو عشرة مواقف سيئة، يجب أن نناضل في هذه الحياة.. ما دمنا نريد العيش بهناء، وأخيراً.. لا يجب علينا أن نتوقع الكثير من الدنيا، يجب أن نشحذ لها صبرنا وجلدنا وتوكلنا على خالقنا.
١٢ مايو ٢٠١٧
١٦ رمضان ١٤٣٨
٧:٣٢ ص.
- لُبنى.

تعليقات

  1. آستمري لبنى ، كتابتك جدا جميلهه ويعني لما تقرا كذا تحس انن الكاتب كاتبها من ضمير ومشاعر واحاسيس والله ): صدق صدق مشاء الله ، آوكيه خلاص انا الحين من فانزآتك وبصير انتظر كتاباتكك ع احر من الجمر ، مبدعه آنسه لبنى ، صديقتكك عزيزه☹️☁️

    ردحذف
  2. عندك مستقبل روائيه ماشاءالله 😭💛، تشوقت وانا اقرا استمري منجد مبدعه ماتكتبي اي كلام والله يوفقك لكل شي خيّر وتتمني توصلي له يارب😩🕊💜💜.

    ردحذف
  3. رائعة جدًا جدًا جدًا ، أحببت السرد والمغزى 💚

    ردحذف

إرسال تعليق