في صلاة العيد.. الجميع متراصون.. كالبنيان المرصوص، ملؤوا الأزقة والشوارع، على أبواب المتاجر وفي أطراف الشوارع، يكبر الإمام والجميع يصدح "الله أكبر" مشاعر الروحانية والاطمئنان.. كل هؤلاء البشر.. يوحدون الله وحده.. ويصرفون له العبادة، جميعهم يقيمون شعائره، أقاموا ليالي رمضان بالصلاة وعمروا النهار بالصيام، وها هو الله يكافئهم بعملهم.. فآتاهم عيداً سعيداً.
انتهت الصلاة وفاض الناس من المساجد والمصليات، الجميع بلبسٍ جديد مبهج، الرجال بثيابٍ بيض وصفر، أحذيةٌ جديدة، أطواق ورد وشعرٌ حريريٌ منسدل، وجهٌ مشرقٌ ضاحك، توزيعات العيد والريالات في كل مكان، الأطفال ينتشرون حاملين سلالَ الحلوى، يالِبهاء المنظر..
"تقبل الله منا ومنك، كل عام وأنتِ بخير" إنه العيد حقاً عندما قالتها جدتي.. ذاك الوجه الذي طالما كان زاهياً بهيًا، ذاك الوجه الذي ومع ما تعرض الزمان لوجهها.. لازال جميلاً أخاذَ..
بعد انقضاء أول أيام العيد.. تنتهي أغلب المعايدات الكبيرة.. يتبقى في جدولك القليل من الزيارات السريعة.. إنه وقت الاسترخاء.. عيد النفس..
بالطبع استرخائي كان لجسدي.. فعلقي لا يتوقف عن طرح الأسئلة.. وقفز لي بسؤال.. كنت قد أجلته مراراً وتكرارا.. سألت نفسي.. "كيف هو عيد اليتامى والمغتربين؟"
..كنت جدياً أفكر.. لو لم تكن لدي عائلة ولا أقارب.. -مقطوعة من شجرة- كيف سيكون عيدي؟ كيف هو شعوري وأنا أرى أصناف البشر من كل بقاع الأرض يسيرون في جماعات، يسيرون مع عوائلهم؟، يتبادلون التهاني والتبريكات؟ ويحضن هذا هذا، وأصوات ضحكاتهم تعلو المكان..؟ هل سأبتسم؟ أم سأفتح باب الدمع لينسكب؟.. وساعد في تَفَكُري لهذا الموقف انشقاقي عن عائلتي وقتها فكنت أبحث عنهم وأجري الاتصالات ونحوها.. والتفت لأرى الصبي يقبل رأس والده.. والأم تعطي الحلوى لإبنتها، كنت لا أبدي أي شعور؛ لأنني كنت خائفة من أن تتحقق تلك الرؤيا.. أن أكون فجأة بلا عائلة! شعور رهيب اجتاحني!، ندمت على كل الأوقات التي أردت فيها أن أبقى في غرفتي ولا أنظر لوجه أي فرد من أسرتي، هرعت بحثاً عن أي وجه مألوف في الشارع! عندما رأيت أخي يلَوِّح لي.. ركضت وبسرعة.. غير مراعية للسيارات ولا للمارة الذين دفعتهم خطأ.. "أين أمي؟"، عدنا للسيارة ووجدت الجميع هناك... كان شعور الطمأنينة.
ولأن طبيعة الإنسان أن يميل للحزن ويعظمه.. ويفرح نصف فرحٍ.. للفرح، فإننا نحتاج أن نفرح رُغمًا عن أنوفنا، لذلك وهبنا الله عيداً.
العيد بالاجتماع.. ليس بالتاريخ فحسب،.. عيداً سعيداً أخي وأختي المغتربين، عيداً سعيداً يا عيد العالم.
٣:٤٣ ص
٢٨-٢٥ يونيو ٢٠١٧
- لُبنى
*هذه التدوينة تعاون مع مجموعة مدونات في "نافذة المدونات" ونجمع التدوينات المتعلقة بالعيد في هاشتاق #عيد_النافذه
ابدعتي والله 👏🏽👏🏽👏🏽👏🏽
ردحذفابدعتي والله 👏🏽👏🏽👏🏽👏🏽
ردحذفكل تدوينه احلى من اللي قبلها .. سلمت يمناك على حروفك الجميله ي لبنى ❤.
ردحذفرائع ، جداً ❤️❤️
ردحذف