
عبر
لبنى الثقيل
فتحت عيناي بوسعها وبدأت أنقل نظري بين وجهها المبتسم وبطنها، وجهها وبطنها، وقفت وفي فمي الشابورة.. لم أضعها من المفاجأة! أمسكت بكتفها وحضنتها بقوة! إنني أبٌ الآن!! رغم أن هذه الفكرة أخافتني كثيراً.. وأقشعر جسمي لمجرد سماعها، رغم رفضي فكرة الإنجاب في البداية... لكنها الآن في غاية الجمال!، الزواج والإنتقال للعيش في شقة بعيدة عن حجرة أبي وحجرتي التي شهدت إنهزامي، والإختلاط بهذا العالم.. غيرني كثيراً! شعرت بحال أفضل!.. وتحسنت أحوالي النفسية!، لم أعد أحتاج لأن أكتب الكثير من الدفاتر ولا المذكرات، كانت زوجتي إنتقالاً كبيراً في حياتي، أنقذتني.. هي وابنتي.
أردت أن أكمل الدراسة، أصبح لديّ شيء أعتني به، "لديّ ابنه" وزوجة، أريد أن أكون شخصاً ناجحاً، لا عثرة في الطريق، قدمت أوراقي للجامعة تم قبولي، في غضون سنة أنهيت سنتي الأخيرة في كلية الهندسة..و تخرجت!، أصبحت "مهندساً" و "أبًا" هذه أسعد سنة مرت عليّ، وكأنّ الله جبر كسر قلبي، وأبدلني الله خيراً، كان من الرائع أن تكون أبًا.. لابد أن أبي كان سعيداً بقدومي.
تم توظيفي في شركة جيدة واستلمت عملي الأول والثاني والثالث...إلخ، بعد مدة تم ترقيتي لجودة عملي، ثم استلمت الشركة ملف ترميم عمارة سكنية ضخمة، كان أول عمل ترميم أستقبله!، كنت المشرف الرئيس على العمل، توجب عليّ أن أذهب هناك يومياً وأراقب سير العمل.
كلما كنت أستلم عملاً جديداً كنت أنتشي سعادة ومتعة! فأنا أمارس الهندسة والعمل المعماريّ! أرسم مخططاً وأكتب توجيهات وأطلب معدات وأوظف عمالاً أكثر.. كان العمل مثيراً حقاً! كنت أتوشق كل صباح للعمل!
في أيامي الأولى في العمارة السكنية كان علي تفقد العمارة ككل،
كانت هناك ورقة في أخر ملف العمارة تقول "العمارة التي أنتم بصدد ترميمها متهالكة جداً، وتم إخلائها على عجل ليتم ترميمها، ويمكن أن تنهار في أي لحظة"..
كان تحذيراً روتينياً على ما يبدو..، ذهبت لتفقد العمارة من الداخل مع بعض المساعدين، بدأ مساعدي يحدثني عن سوء العمارة بلسان رفيق له كان قد سكنها مسبقاً، وكيف أن بناءها من الأصل لم يكن متقناً، وبالفعل.. كانت الأرضية متصدعة بقوة والسقف كان منهاراً تقريباً!
وبينما كنا نتفقد.. إذا بصديقي يأخذ استراحة ليشرب بعض الماء تقدمنا الجميع ووقفت لأناديه.. «مهندس خالد!» وفي لحظة.. سقط بعضٌ من السقف بإتجاه مساعدي تماماً! ولم أتمكن من أن أخرج صوتاً تحذيرياً! كان وضعاً رهيباً إستدعى مني رد فعلٍ سريع.. وكأي صديق فإنني فديت صديقي واستقبلت الضربة.. كانت على رأسي بالضبط..
-القصة الآن بلسان مساعد مهندس آخر-
سمعت صوت إرتطام قوي من خلفي، إلتفتنا جميعاً وأرخينا سمعنا للصوت.. فإذا بأحدهم يصرخ مستنجداً! هرعنا لمصدر الصوت فإذا بالمهندس المشرف طريح الأرض تستقر فوق رأسه صخرةٌ ضخمة! اتصلت بالإسعاف سريعاً وحاولنا إسعافه بما نستطيع من مسحٍ للدماء ووضع بعض الثلج والماء على رأسه، أسرع المسعفون لنجدة المهندس المشرف.. لكن لا جدوى.. «رحمه الله..» توقفنا جميعاً وذبلت أعيننا.. نقله المسعفون للمشفى.. وكلٍ أنزوى في ركنٍ وبدأت يمسح أدمعه ويدعو له «كان مهندساً رائعاً»
.. وأخيراً قالها أحد!.
حضر أهل المهندس المشفى لإكمال الإجراءات... وقف الممرض أمامهن.. امرأةٌ تمسك صبيةً لم تبلغ الحلم وتصرخ الأخيرة وبكل أسى ترثي أباها، وامرأةٌ قد بلغت من العمر عتياً تبكي وتبكي حتى ابتل غطاها، وثلاث فتيات تكاد قلوبهن تقفز من أجسادهن من شدة البكاء، منظرٌ مرهب!!، اقترب الممرض لواحدة منهن..
- «يبدو أنكِ من أهل المهندس؟»
-«أجل أنا زوجته»
- «حسنٌ.. هذه ورقة كانت في جيبه وقت وفاته رحمه الله»
سلّمها الورقة وعاد أدراجه..
سلّمها الورقة وعاد أدراجه..
أمسكت الزوجة بالورقة.. ملطخةٌ بالدماء.. فتحتها وقرأت «أرجو أن لا تَشطب ابنتي أحلامها لأن والدها قد مات»..
وتعالى صراخ الطفلة.. فقهت فحوى الرسالة قبل بلوغ الحلم.
٩:٤٠ م
٢٥ مايو ٢٠١٧
لُبنى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
التسميات
أقصوصات
قائمة:
أقصوصات
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
ما انطباعك عن القصة؟
ردحذفرائعة ، بل مميزة ..
ردحذفلم أتصور أنني سأعبر نهاية كذه في اي قصة قصيرة ..
واقعية .. مؤثرة .. تلامس القلب
بوركتِ
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفاستمري نهاية غير متوقعه👍🏻
ردحذف