إنسان التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إنسان



إلى أين يقودنا هذا الطريق؟ ألا يقف؟ ألا توجد استراحة؟ أليس هناك منعطف للخلف؟ أمتاحةٌ لي العودة؟ أيمكن للمرء أن يفكر؟ أو أن يسير في هذا للطريق مُسيراً لا مُخيراً؟ أمرغمٌ هو على خوض كل تلك المعارك والحروب؟ أمِن الواجب عليه الخوض في كل هذه العلاقات وكل مشاعر الحب والكره؟ أيجب أن يتعثر بدموعه ويشَرق بها؟ أكان لزاماً على المرء أن يخوض كل هذا؟ أن يُمتحن في كل شيء يمر به؟ أن يواجه فتناً لا يد له برَدها ولا يد له بالكفِّ عنها، أن يواجه العديد من المصائب والأحزان، أن يقف معزياً مرات عديدة، ويقف في حضانة المستشفى لمرات عديدة أخرى، أكان لزاماً عيشُ كل هذه التناقضات ليكون المرء "إنساناً"؟


أعلى البشر الضعفاء المهتزين، المترنحين، المنهارين على الدوام، من يقفون على أقدامهم في الصباح التالي وكأن الليلة الماضية لم يغرقهم تسونامي يُهلك قلوبهم، وكأن كل شيء مضى بخير كحال كل أيامه.. بخير مع كل التسونامي والكوارث الطبيعية على قلبه، أعلى البشر الذين يقعون للحب فريسة سهلة وتقفز قلوبهم من حناجرهم قفزاً عند اللقاء، أعلى من يُجفي مضاجعهم فكرة لم تصاغ جيداً، أعلى البشر الذين يرتجفون من انخفاض درجة حرارة، ويرمون أجسادهم تحت مكيف الهواء عند ارتفاع درجة الحرارة.. أعلى البشر الذين تتحكم درجة الحرارة بمزاجهم الصباحي، أعلى البشر الذين تموج بهم مشاعرهم، تبكيهم الأشواق، وتُهلِك قلوبهم المُحبة عشقاً وكمداً، أعلى من يحبون بأعماقهم.. من ينبض بطينهم الأيسر دماً.. من تعتمد حياتهم بعد مشيئة الله على هذا القلب، أعليهم خوض كل ذلك؟ أعليهم بعد كل ذلك أن يتصدوا للأحزان، أن يفقدوا الطريق، أن يَضلوا ويُضلوا، أن يرفضوا ويغلقوا الأبواب خشية المزيد، أن تفوتهم الحياة لأنهم "خوَّافين"؟، أعليهم أن يمضوا الليل في البكاء والنحيب بدل أن يقضوه في رسم لوحة بديعة أو أن يحفظوا قصيدة لأبو الطيب؟ أكان لزاماً أن تكون الليالي أنهاراً من الدموع؟ أكان لزاماً أن يتأخر النهار؟ ألم تتأخر الشمس مجدداً؟ ألم يكن الصباح أسرع من الآن؟ ألم تكن محاولات قلبي للهرب من الليل كافية لتعجيل شروق الشمس؟ أكان الليل دوماً مؤلماً لهذا الحد؟ خانقاً.. يحاصر القلوب ويفضحها لتبكي، وكأنه جاء ليبكينا!، نحن البشر الضعفاء، الذي تقتلنا لدغة، ونتلوى من أجل شوكة، وتبكينا كلمة، ويمزقنا الحب.


‏نحن البشر ضعفاء حتى آراء الغرباء الذين نجهل أسمائهم تؤثر بنا، تؤثر بنا صورة، يؤثر بنا تصفيق، حتى الوقوف لأجلنا يؤثر بنا، حتى الضغط على اليد وقت المصافحة، والابتسامة العابرة، والتبرع بمظلة في يوم ماطر، حتى لو جاء غريبٌ وامتدحنا فإننا نحبه! ونراه شخصاً لطيفاً، ونخاف من الانتقاد مهما قلنا بأن صدورنا رحبة له، نحن مفطورون على العواطف والحساسية، مهما حدث سنعود لنبكي تحت أغطية مفارشنا، حتى أهدافنا وخططنا، حتى الأشياء اللي نحلم ونتنظر رؤيتها على أرض الواقع.. كل يوم يمر ينتزع منّا الشجاعة والصمود لذلك.. وبعد مرور السنين يكون حلمنا رحل... وتلاشى، لأنه وفي البداية ما كانت الرغبة صادقة وحقيقة ولأننا لم نضع حياتنا على المحك لأجله، لأن الأحلام والأهداف الصادقة فقط هي من تتحول لواقع!‏، يقتلنا التردد وتعصف بنا عواصف الخوف، يفتك بنا الندم، ونقف متجردين رافعين أكفنا مستسلمين للحب، هذا أنا.. أنا الإنسان البشري المتجرد، المتجرد من كل الأقنعة ومن كل الحواجز والستائر التي أضعها حولي.. لعلي أستر ما بي من عيوب، هذا أنا .. الإنسان فقط.


الجمعة - ٩:١٦ ص
8 شوال 1439 / 22 يونيو 2018





اليوم الخميس الموافق 1 ذو القعدة 1440/ 4 يوليو 2019، مرت سنة على هذا النص، تساءلت كثيراً لماذا لم أبادر فأنشره بعد مدة أقصاها شهرين؟ نصٌ كهذا ولد مكتملاً.. علامَ يسكن حضانة المشفى وليس به تأخر نمو؟...
لم أجد سوى إجابة واحدة..
لأن معنى الإنسان بنظري القاصر المتذبذب أعمق وأكبر من هذا، فكنت اتركه جانباً لعل هذا الفكر يتسع ويكبر ويبتلع أفكاراً ومعانيَ أكبر..
والذي بعث على التشتت أكثر أنني سألت شخصاً أعرفه فأراني مالم أرى، ونبهني عن أمورٍ غفلت عنها، ضحكت يومها.. ما أعظم خلق الله في الإنسان..


إذن، من هو الانسان بنظركم؟

xxlubnaz@gmail.com


- لبنى الثقيل


تعليقات

إرسال تعليق