هل أبليت حسناً؟ التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل أبليت حسناً؟


هذه التدوينة ضمن تحدي نافذة المدونات فرع يوم في حياتك..

دائماً ما شعرت أن اليوم أقصر بكثير من أن نتحدث عن تفاصيله بإسهاب ولساعات.. أعني الأيام العادية، حتى قرأت رسالة بريد إلكتروني من صديقتي.. متحدثةً لي عن يومها، كانت أطول رسالة بريدية تصلني! أخذتُ أقلّب الرسالة صعوداً ونزولاً في وسط محاضرة الرياضيات "أكل هذا في يوم؟"..
كانت الرسالة أعظم من أن تُقرأ خلسة في محاضرة، أغلقتها وعندما انتهت المحاضرة حزمت كتبي وفتحت هاتفي بعجل لأقرأ..
كان أسلوبها مذهلاً بحق، عرفت عندها سر أن تكتب عن يومك بخيالات المغامر وبذكريات الحنين وحماسة المستقبل.. وربما شيءٌ من حكمة التجارب..

لذا.. الساعة الآن الحادية عشر صباحاً.. اليوم هو السبت، سأبدأ بتدوين هذا اليوم بتركيز شديد..

قبل الآن بساعات كنت أتحدث مع زميلتي في إطلاق مبادرة (ميّار).. لا زلنا نتردد في تصميم شعار المبادرة.. تعرفون؟ إنه لمن المحبط أن تكون قدرتك واستطاعتك أقصر.. بكثير مما تشتهي وترنو، أن تكون أقل إدراكاً لمحور الحديث الذي قُدمت إليه تشريفاً وثقةً.. وكل الأيادي التي دفعتك.. تتأمل الكثير بك، أفكر أحياناً.. هل ربما حقيقة الأمر أنني غبية؟ وأن هذه الدنيا وهذه العالم أعلى بكثير من مستواي؟ التفت لنفسي.. في الواقع أنا لا أسعى أبداً لرفع مستواي لأن الاحباط يملئ قلبي.. لا أتذكر متى كانت آخر قراءة جادة قمت بها، لا أتذكر متى انخرطت في مشروع تعليمي جاد، الاتكاء على الجامعة والتعليم المنهجي الإلزامي أظنه يحبطني فهو يرفع عن كتفاي ثقل هم التوقف عن التعليم.. ربما يعود الأمر لهواياتي الخرقاء وعاداتي الهاتفية السيئة.. لكن ماذا أفعل؟ حتى عند اعتزالي فأنا لا أقرأ.. ليتني أهرب للقراءة كما كنت في السابق.. ربما حتى في السابق كنت أهرب لأنه لا خيار لدي؟ أكان الأمر هكذا يا لبنى؟ هذا يحبط أكثر.. لنتجاهل الحقائق المحبطة!

على كلٍ.. قررت بدأ تحدي شرب ظرف شاي يومياً لأنني بعد ترتيب غرفتي وجدت صندوقاً مليء بمغلفات الشاي المتنوعة.. وكشابة تدعي هوسها بالشاي وهي لم تجرب سوى خمسة أنواع شاي أحمر.. يشعرني ببعض من الحماقة، لكن عندما قالت لي صديقتي ذلك ثم أردفت "توقعتك فانز حقيقي!" فكرت بعدها.. هل على المهووس أو المحب الحقيقي أن يكون خبيراً ومختبراً لكل الأنواع وعالماً فقيهاً في الباب؟ هذا يثقل كاهل الحب يا أحبة.. تخففوا.. كهوسي الظريف بالشاي وأنا لم أجرب (التلقيمة) إلا على مضض في بعض الكشتات العائلية، أحب كوني "فانز" بقدر قليل..
الانغماس القوي في الأمر ليس من عاداتي.. ولا من شخصيتي، أنا قط لم أصل لأعمق من هذا المستوى في أي أبواب الله فتحت لي.. عدا هذه المدونة.. وعدا بعض الأشياء المنطلقة من ذاتي المحضة.. يبدو الكلام عشوائياً؟... لا يهم..

في هذا اليوم أيضاً وفي صبيحته.. أشرقت أفلاك هاتفي بصورة لصديقتي... تحدثنا بعدها ليومين متواصلين ننقطع لساعات لنواصل بعدها، تعرفون؟ أنا خائفة كثيراً من طريقة نمو علاقاتي الاجتماعية.. يبدو الاعتراف أحمقاً.. لكن لدي سؤال أكثر حمق منه.. أفكر به منذ فترة "كيف يلتقي الناس؟" يبدو سؤالاً لذيذاً للوهلة الأولى ثم ما يلبث إلا أن تنتكس حلاوته مرارة، لكنه الخجل.. من أن نلفظ سؤالاً وألا نجيبه ونحن نسمي أنفسنا فلاسفة الزمان.. الروائيين الكتاب المفكرين أهل العلم والفهم وأولو الألباب! ما أثقل الألقاب..
رغم أن ولا لقب مما سبق أُطلق عليّ.. عدا لقب الكاتب.. إلا أن الأمر لا يزال ثقيل.. قلت مرة لصديقة "أريدهم أن يعرفوا لبنى الانسانة.. ثم رويداً رويداً تظهر لهم لبنى الكاتبة" يبدو أخرقاً؟ أنني لا أتباهى بكوني كاتبة؟ ههمم.. ربماً! بل في الواقع أنا لم أتباهى قط.. وكلما ذكرتُ الكتابة ذكرتها في قالب الخائف الهارب الراغب بالنجاة من شراكها، ربما يبدو هذا سطراً كاذباً.. لكنني أشعر بأنني حفرت قبري بنفسي عندما قررت أن أكتب كهواية في هذه الدنيا، أجل استمتع بالكتابة وأعتبرها ملجأ وحياة لي ومهرب، لكنها ثقيلة.. تمتص روحي، تستنزف جزءاً كبيراً من طاقتي، تجعلني محط أنظار، تمنعني من أشياء لتعطيني أشياء لم أطلبها، أهذا الثمن الذي يقال عنه؟ مع كل هذا أظنني لم أدفع كامل الثمن.. لم أدفع الدفعة الأولى حتى!... لنتوقف عن الحديث عن الكتابة.. أشعر بالاختناق..

بعد الظهيرة ذهبت مع الصبية لمدينة الألعاب.. كنت مرهقة وأشعر بالنعاس.. لكنني ذهبت على كل حال.. مضت مدة منذ خرجت من المنزل آخر مرة، عندما وصلنا.. أو حتى قبل أن نصل توتر الوضع في السيارة لأن الصبية لا يكفون عن الشجار لذا قررت أن اسمح لكذبي الصادق بالانتشار.. فأخذت أحدثهم كذبات حتى تعاونوا علي وجلدوني والحمد لله على كل حال أقلها وحدنا الموجة :)
منذ صغري لست وكل إخوتي من هواة الألعاب الإلكترونية وسباق السيارات وقتال المسدسات في مدينة الألعاب.. نلعب قطار الموت والكراسي والسفينة ونكررها سبع مرات ثم نخرج مع تنميل ودغدغة في البطن لا تهدأ.. قررت هذه المرة اختبار لعبة قتال..
دخلتها.. حجرة صغيرة.. مسدس أمامي.. من إعلان اللعبة المعروض يظهر لي أنني سأقاتل جنس الزومبي.. (الأموات الأحياء)، في الواقع منذ صغري وأنا أخاف ألعاب القتال، حتى كمشاهد من بُعد فإني ارتعب، في صغرنا كان أخي الأكبر يلعب لعبة من هذا النوع.. يتسلل لقصر ويقاتل ويهجم على الجنود بُغية انقاذ سجين في أعالي القلعة.. في الواقع كنت أضربه لأنبهه على شخص قادم من بعيد لقتله..... يبدو أنني أعنف من اللعبة العنيفة..
لكن قررت مواجهة مخاوفي وترددي!، صحيح خشيت أن أهدر المال وارمي المسدس واركض خارجة.. لكنني ولله الحمد اكتفيت بالقفز وتسلق الكرسي المخصص لجلوسي وأصرخ "جاء جاء! لليشش ما يموووتت لليشش؟!!" بالطبع لم انتبه بأنني انهيت ذخيرة السلاح الأول وعلي التبديل للسلاح الثاني..
وعلى هذا الحال لم استمر دقيقتين في اللعبة حتى "دعسني" زومبي عملاق ووافتني المنية وخرجت من اللعبة ألهث وكأنني خضت سباق مئة متر..
انتهينا من جولة اللعب.. حصلنا عند دخولنا لساحة الألعاب على بطاقات خصم لمتجر مثلجات، اخذتها واشترينا.. كان الموظف هندي على ما أظن.. ضحكت عندما تحدثت معه بالإنجليزية، الواقع أنني عندما يستدعي الأمر التحدث بالإنجليزية أتحدث بتكسير مضحك وارمي كلمات عربية مكسرة.. كل هذا فوق عدم اتقاني الكامل للغة.. فتفكر!
لَكم أفضل الكتابة دائماً في كل نواحي حياتي.. عدا عندما أصف شعوراً أو موقفاً مربك ترتجف له يدي.. التلعثم قليلاً أفضل من إرسال رسالة مليئة بالأخطاء الكتابية أو الإملائية..

اشتريت مثلجاتي المفضلة.. -رغم تحفظي على كلمة مفضلة- كوتن كاندي....
عدنا أدراجنا للمنزل.. جلست مع والدي ذاك المساء وسألته المشورة في بعض الأمور.. أظنني استمتع بسماعه أكثر من حماستي لمعرفة الرأي الفصل في الموضوع، أفكر لاحقاً ماذا لو جلست أتذكر عائلتي.. بماذا سأقف لدى كل واحد منهم؟ هذا ما يدفعني لصنع المزيد من المواقف.. المزيد من المواضيع، المزيد من الشعور الصادق، المزيد من رفس الخجل.. ما نفع الخجل؟ لا شيء سوى عقبة أمام الحب والحياة والأحلام..
سألت أبي عما إذا كان تصرفي في الموقف التالي صحيحاً أم لا.. ثم قصصت عليه الموقف.. قال لي أن أتوقف عن التعامل مع ذلك الشخص، في الواقع ذلك الشخص كنت متحمسة لسنتين للتعامل معه والتقرب منه، كنت أسعى لانتهاز الفرص.. الفرص المعدومة، يوم أن قال لي أن أتوقف.. ثم قال "فشلت هنا وأوجعتك.. تنتظرين فشل ثاني لها يوجعك؟" لا.. أنتظرك تقول لي أوقف لأني خائفة ومشاعري تتحكم في قراري هذا.. لكن الآن.. حتى لو دفعتني العواطف.. ستمنعني..

كان العشاء وجبة لا أحبها.. لذا.. انتهى يومي بالزحف للسرير فور أن وضعت أمي العشاء..

أتساءل لو أبليت حسناً اليوم؟ هذا السؤال اللي سمعته في برنامج وثائقي البارحة.. بعد أن بذل بطل الفلم الوثائقي جهده في طهو وجبة.. وقف وسأل نفسه "هل أبليت حسناً؟" وقع السؤال في قلبي.. وأظني سأتركه موضوع هذه التدوينة.. كتذكير لي أن أبلي حسناً..
طابت أيامكم يا رفاق :)..


لبنى الثقيل
19 ذو الحجة 1440
20 اوغست 2019
4:56 م


تعليقات